من المرجح أن توفر أكبر اتفاقية تجارة حرة إقليمية على الإطلاق والمسماة اختصاراً “RCEP“، فوائد وفرصاً كبيرة لتركيا مع تعزيز التعاون بين تركيا وسنغافورة في مختلف الجوانب.
وصرح “جوناثان تو” سفير سنغافورة في تركيا أنه يمكن للشركات التركية في سنغافورة أن تستفيد من الوصول التفضيلي الإضافي إلى الأسواق في البلدان المشمولة ضمن أكبر كتلة تجارة حرة في العالم، مشيراً إلى اتفاقية الشراكة الإقليمية الشاملة.
وفي مقابلة حصرية أجرتها صحيفة ديلي صباح مع سفير سنغافورة في تركيا، قال “تو” إن الشركات التركية ستستفيد من الإجراءات الجمركية المبسطة وإجراءات تيسير التجارة المعززة.
وأضاف: “ستتيح اتفاقية التجارة الإقليمية للشركات التركية في سنغافورة الاستفادة بشكل أفضل من سلاسل التوريد الإقليمية أيضاً”، مؤكدً أن التراكم الإقليمي سيسمح للشركات بتضمين استخدام المواد الخام والأجزاء التي يتم الحصول عليها من أي من أسواق دول الاتفاقية الـ 15 باعتبارها دول منشأ لهذه المواد.
وأوضح “تو” أن الشركات التركية يمكن أن تستفيد أيضاً من الوصول المحسن إلى أسواق الخدمات وتدابير الاستثمار المعززة في بعض دول الاتفاقية، بينما ستوفر فصول التجارة الإلكترونية وسياسة المنافسة والملكية الفكرية بيئة تجارية أكثر ملاءمة مع حماية إضافية للشركات.
وقال “تاو”: “بصفتها اتفاقية إقليمية رئيسية، ستكمل شبكة اتفاقيات التجارة الحرة الحالية في سنغافورة، بما فيها التجارة الحرة مع تركيا، بالإضافة إلى توسيع المساحة الاقتصادية وتعزيز تدفقات التجارة والاستثمار”، مضيفًا أن الاتفاقية من شأنها أن توسع وتعمق الروابط الاقتصادية لسنغافورة وتواصلها مع المنطقة، وأن تفتح الأبواب وتمنح الشركات فرصة الوصول التفضيلي إلى الأسواق النامية.
وتشمل اتفاقية الشراكة الإقليمية الشاملة التي تم التوقيع عليها في 15 نوفمبر، دول الصين واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا والأعضاء العشرة في رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان” وهي بروناي وفيتنام ولاوس وكمبوديا وتايلاند وميانمار وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا والفلبين.
ومن المتوقع أن تعزز هذه الاتفاقية، التجارة العالمية في مرحلة ما بعد الوباء وتعزز أيضاً دور تركيا في المنطقة من خلال فتح أسواق تصدير جديدة للبلاد بسبب وجود اتفاقيات تجارة حرة لتركيا مع ثلاثة أعضاء فيها وهم ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تغطي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية بوصفها أكبر صفقة تجارية في العالم، عدد سكان يبلغ 2.2 مليار نسمة بناتج محلي إجمالي يبلغ 26.2 تريليون دولار أمريكي.
وقال “تو”: “توضح هذه الاتفاقية التي أبرمت في خضم جائحة كوفيد-19، تضامن الدول المشاركة فيها وتشير إلى التزام هذه الدول القوي بالحفاظ على سلاسل التوريد المفتوحة والمتصلة خلال الأوقات الصعبة”، مضيفاً أن الاتفاقية ستسهم بالنمو الاقتصادي العالمي والتنمية.
وأكد على أن هذه الشراكة الاقتصادية الشاملة ذات المنفعة المتبادلة، تضم 20 فصلاً لتعزيز التعاون والتجارة، بما في ذلك التجارة في السلع والخدمات والملكية الفكرية والمنافسة وتسوية المنازعات.
ازدهار العلاقات بين تركيا وسنغافورة
وحول تطور العلاقات بين تركيا وسنغافورة قال السفير “تو” إن البلدين شريكان منذ أمد طويل وتربطهما علاقات وثيقة، وأكد أن هناك العديد من الشركات السنغافورية التي استثمرت في تركيا مثل شركة “بي إس إيه إنترناشيونال” التي تدير ميناء مرسين الدولي أحد أكبر الموانئ في البلاد، والتي استثمرت مليار دولار في المشروع على مر السنين.
كما استشهد “تو” بشركة سنغافورية أخرى تعمل في تركيا هي شركة “أولام إنترناشيونال” وهي شركة زراعية وغذائية عالمية تمتلك العلامة التجارية “Progıda” وهي ثاني أكبر منتج للبندق في تركيا بمصانعها المنتشرة في ولايات “صامسون” و”غيرسون” و”أوردو” الشمالية.
علاوة على ذلك، قامت شركة “DP Architects” السنغافورية وهي واحدة من أكبر شركات الهندسة المعمارية في العالم، بتصميم خطة إعادة تطوير حوض بناء السفن التاريخي في إسطنبول، والتي أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان في فبراير 2019.
اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين ركيزة مهمة للعلاقات
وتطرق السفير في معرض حديثه إلى أهمية اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين قائلا إنها “ركيزة مهمة للعلاقات الثنائية”. وأضاف: “تعكس الاتفاقية تنامي العلاقات الاقتصادية بين سنغافورة وتركيا وتتيح الفرصة لتنمية التجارة بين بلدينا ومناطقنا”.
وقال أيضاً: “هناك اهتمام تجاري من الشركات السنغافورية لإشراك تركيا في السلع الاستهلاكية والرعاية الصحية وحلول تنظيم المدن وقطاعات التكنولوجيا، مع فرص للتعاون بين الشركات من البلدين. ولأن تركيا تُعد أيضاً مُصدِّراً حصرياً للعديد من المنتجات الغذائية، نحن مهتمون بتنمية التجارة الثنائية في هذا القطاع”. موضحاً أن هذا التعاون سيولد نشاطاً اقتصادياً يعمُّ إيجابياً على التوظيف والاستهلاك والنمو العام لكلا البلدين.
يذكر أن توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وسنغافورة المسماة اختصاراً “TRSFTA” تم في نوفمبر 2015، ودخلت حيز التنفيذ في أكتوبر 2017. وهي الاتفاقية التجارية الحرة الأكثر شمولاً التي وقعتها تركيا على الإطلاق، والتي تتضمن قطاع المشتريات والخدمات العامة إلى جانب قطاع التجارة والاستثمار.
وقد منحت سنغافورة بموجب هذه الاتفاقية وصولاً فورياً معفياً من الرسوم الجمركية لجميع الواردات من تركيا، في حين أن 80% من الصادرات السنغافورية تمتعت بوصول معفى من الرسوم الجمركية إلى تركيا. ومن المقرر أن ترتفع هذه النسبة إلى 95% لغاية عام 2027 بحسب بنود الاتفاقية.
وذكر السفير “تو” أن كلا البلدين اعتمد معايير وممارسات دولية تهدف إلى تقليل الحواجز غير الجمركية التي تعيق التجارة.
وأضاف: “الشركات التركية قادرة على تقديم عطاءات على عقود الشراء من الحكومة السنغافورية، والشركات السنغافورية لديها نفس الوصول إلى المناقصات التركية”.
وفي إشارة إلى أن سنغافورة تتمتع بموقع جغرافي جيد وبوابة مميزة إلى المنطقة قال “تاو”: “نحن مرتبطون جغرافياً ببقية جنوب شرق آسيا التي يبلغ عدد سكانها 650 مليون نسمة بشكل جيد. ويمكن لتركيا أن تستخدم سنغافورة كقاعدة لخدمة بقية أسواق جنوب شرق آسيا”.
وشدد على أن “اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وسنغافورة، تشجع تدفقات التجارة والاستثمار بين البلدين من خلال تضمين المجالات التي تهمهما، مثل خدمات البيع بالتجزئة وخدمات الأعمال وخدمات البناء”، مشيراً إلى أن هناك فرصة لمقدمي الخدمات الأتراك الذين يدخلون سوق سنغافورة للوصول المباشر للقطاعات الملتزمة بموجب اتفاقية التجارة الحرة.
المصدر موقع ديلي صباح